السبت، 15 يونيو 2013

قصيدة: وحيداً كالقطرة.. جميعاً كالأمطار

أحتاجُك الآن والأمطارُ تنهمِرُ
                           وتحت زحاته الأجساد تقْشعرُ
هذا السَّحاب الذي ثقُلتْ حمُولته
                        فيه الوقودُ الذي يحتاجه البشرُ

أخافُ أن تشعل الأمطارُ أشرعتي
                           وإنّ منها يجيء الرعد والشررُ


أخافُ أن تقلبَ الأمواجُ قاربنا
وليسَ لي غيرُ مجدافٍ
هو القدرُ
وليس لي أصدقاءٌ
ليس ليْ وطنٌ
إلا الكلام
وصوتِي
سوف
ينتشرُ

وسوف أطفُو على سطح المياهِ
كما يطفُو على الماء،
من عليائهِ، 
القمرُ


وسوف أنجو
لأني صادقٌ.. أبداً
وإن هزمتُ فيوماً ما سأنتصرُ

أفقدتُ أمّي! 
فإني قد اسْتعدتُ أبِي
لولا الحياةُ ولولا الموتُ ما العُمرُ؟ 
أنا
الوحيدُ
وإنّي كالجميع
أنا الضعيفُ لكنّ
مِثليْ.. ليس
ينكسرُ


جدّفتُ.. حتّى كأنّ الموجَ أسْرع بِي!
جدّفتُ.. جدّفتُ لولا
                  تقرُبُ
                  الْجزرُ

أسْعى إليك
         ..
وما أدركتُ يابسةً!
كالموج أسْعى
فعُمْري كلّهُ
سفرُ!

وما ضعفتُ
ولا استسلمتُ ثانيةً
قد يتعب الجسم لكن تصمدُ الفكرُ



وإذْ تعبتُ
تركتُ الموج يحملُنِي
أنا الوحيدُ ولكنْ داخلي كُثرُ

وقطْرةً..
قطْرةً ..
         ..
الله
أين أنا
فوقي السماءُ
وتحتي يَمْلسُ الحجرُ

وقطْرةً
 قطْرةً..
الطرقاتُ قد غُمِرتْ
وفي زُجاجات سياراتِهمْ قُطرُ

وقطْرةً
 قطْرةً..
فتهبُّ عاصفة!
رغم الضباب الكثيف
بوسعي النظرُ
مطرْ
مطرْ مطرٌ
يمتصُّه جسدي
لستُ الفقير.. نقودِي 
هـذهِ القُطرُ
مطرْ
مطرْ مطرٌ
القنواتُ قد حفرتْ!
لن ترتوي الساقُ
حتى ترتوي
الجُذرُ
أرى
التماعةَ
برق في الهواء
وخلف ستائر السُّحب
ضوء الشمس
ينكسِرُ
وأرى دخان البواخر صاعداً قمماً 
فيما قطيعُ خراف منه ينحدرُ

أأساعد النمل؟
كان النمل في شُغُل
هذا عليه النواةُ وذلكَ القِشَرُ

مطرْ
مطرْ
ورقُ الأشجار قد لمعتْ
وزادَ تقطيرُها ..
                      ..
وإني مثلُها غَزِرُ
..
مطرْ 
مطرْ
كالرشّاش يغسلنا
القبر والسقف والبستان والحُفرُ

وقطْرةً..
 قطْرةً..
فأنا الوحيدُ هنا
تحتِي القبورُ وفوقي
                     العارضُ
                      المطِـرُ

وقطْرةً
ق
ط
رة
فالأرض راوية
وقطرةً قطرةً.. يتوقف المطرُ

               II
ها أنتِ مقمرة في ليل ذاكرتي
فإن
مددتُ يدي
هل تنحني الشجر؟

لأنكِ الروحُ: ضُمِّيني إلى جسدٍ!
لأنكِ الغصن والأوراق
والثمرُ
أمدُّ شريانك
الضوئيّ في ظُلمِي
إن هزّنِي الوجدُ
أو إنْ كلّتِ
الفِكرُ

علّمتني كيفَ ألْقى فوقَ نافذتِي
          دمَ
        النجُوم
وما لا يَمْسس البشرُ!

علَّمتنِي الصبر
حتّى لَم أعد عجلاً
والماءُ يدْفق إذ يشَّقق الحجرُ !

ماذا أخافُ
ويومي نصفهُ لغدي؟
كلا، وعندي سَمادُ الأرض والبِذرُ!

سأكونُ ما لم يكنْ قبلي ولا بعدي
وسأهزم اليأس والأيام مختبرُ

طـيَّرتُ نحو سماء الله قُبعتِي
وعلى الحشيش ارتميتُ
ليهطل المطرُ
مطر مطر
  ..
  .. ويهطل المطر

                                           2003- 2004م 

من مجموعتي الشعرية الصادرة مؤخرا عن دار ازمنة في عمان بذات العنوان

ليست هناك تعليقات:

Disqus for TH3 PROFessional